النفايات الرقمية، هل تحذف من انظمة الشركات الرقمية؟ ا.د محمد كريم الساعدي

في هذا المقال اتناول النفايات الرقمية بمعنى آخر عن المتناول في اغلب المقالات الموجودة على شبكة الأنترنيت التي تطرقت للنفايات الرقمية ، والتي عرفتها بالآتي : (النفايات الرقمية أو النفايات الالكترونية ويطلق عليها باللغة الإنجليزية (E-WASTE) هي نتاج استهلاك المعدات والأجهزة الالكترونية التي أصبحت اليوم تشكل قضية بيئية عالمية، حيث بلغت حجم النفايات الالكترونية في كل عام ما بين 20 إلى 50 مليون طن في جميع أنحاء العالم والتي تشكل خطر كبير على صحة الإنسان والبيئة)( https://ar.wikipedia.org/wik).

أما ما اقصده بالنفايات الرقمية في هذا المقال : هي كل ما نحذفه من صور ومنشورات وبوستات وغيرها من بيانات ووثائق خاصة بأشخاص ، أو بمؤسسات ، أو منظمات ،أو دول .

لو نظرنا إلى الوراء وفكرنا قليلاً بجد وتفحص : هل أن هذه النفايات الرقمية هي مجرد صور ، أو وثائق وبيانات حذفت من جهاز الهاتف ، أو الجهاز المحمول ، أو الحاسبة دون أن يكون لها وجود فعلي في مكان ما في مرجعيات الأنظمة الرقمية ؟ أم أن هذه البيانات المحذوفة قد أصبحت في حالة عدم كونها اختفت بشكل نهائي من هذه المرجعيات والأنظمة الرقمية ؟ .

والسؤال المهم : أين تذهب هذه النفايات الرقمية؟ ، هل يوجد لها مكان مخصص ترسل اليه بعد حذفها من الأماكن المخصص للحذف ( Recycle Bin/ سلة المهملات ) الموجودة في أجهزة الحاسوب المنضدي ،أو المحمول ، أو اللوحي ، أو في الهواتف المحمولة بأيقونة تدل على مكان أرسال المحذوفات اليه؟ .

إنَّ هذه البيانات المحذوفة التي تشكل معلومات قد تكون خطيرة أراد شخص ، أو مؤسسة ، أو دولة أن يتخلص منها، أو معلومات وبيانات عادية قد لا تشكل أي أهمية للشخص ،أو المؤسسة ، أو حتى الدولة. لكن ما يتبادر الى ذهن المتتبع في هذا المجال : هل أن هذه المعلومات تحذف فعلياً من انظمة الشركات التي تقف وراء تشغيل هذه البرامج ؟ أم أن هذه المعلومات تؤرشف بطريقة جديدة من قبل هذه الشركات؟ ، وما هو حجم هذه النفايات التي تحذف يومياً منها ملايين المعلومات حول العالم ؟ ، وهذه كلها تساؤلات قد لا استطيع الاجابة عليها فعلياً في هذا المقال ، لكن هي دعوة للباحثين في مجال انظمة المعلومات للتركيز في هذا الموضوع .

أن من يقرأ سير إنتاج البرامج الرقمية سيجد أن بعض البرامج التي أنتجتها الشركات الرقمية قادرة على إعادة ما هو محذوف من الصور والوثائق والبيانات وقادرة على ترتيب ما حذف زمنيا وإعادتها إلى أماكنها التي حذفت منها ، وهذا يدل على أن هذه النفايات الالكترونية المحولة إلى سلة المهملات أولاً ثم تم حذفها من سلة المهملات هي موجودة في مساحات رقمية ما ، وبإمكان برامج أعادة الحذف أرجاعها ، ويستطيع عدد من المستخدمين البسطاء إعادة هذه البيانات المحذوفة ، فكيف بالشركات الرقمية التي صممت طرق الحذف في صفحات وسائلها الأجتماعية وغير الأجتماعية ، إلا بالأحرى أن تكون قادرة على عمل برامج أرشفة لكل ما يحذف من قبل المستخدمين؟. وإذا كانت هذه الوسائل الاجتماعية الرقمية مثل (فيس بوك و تويتر وانستغرام) وغيرها من وسائل التواصل الأخرى تدار من قبل مؤسسات قد تكون مرتبطة بأنظمة تجسس دولية وغير ذلك تستطيع أن تعيد هذه المعلومات إلى العالم الافتراضي واستخدامها ضد المستهدفين من قبل هذه الأجهزة الاستخباراتية والمخابراتية.

إنَّ من أهم المبررات التي تؤيد عدم اختفاء هذه الوثائق هي الآتي:-

  • وجود برامج لإعادة البيانات المحذوفة على انظمة البحث مثل ( Google ، Yahoo) وغيرها من الممكن للفرد البسيط استخدامها لإعادة ما حذف من البيانات .
  • أن من ينتج مثل هكذا برامج ليعيد ما حذف هو قادر على إعادة ما هو محذوف من بيانات رقمية أصلاً على كافة المستويات.
  • يشير إنتاج برامج إعادة حذف المعلومات أن المعلومات ليست محذوفة نهائياً ، بل هي مؤرشفة وقابلة للإعادة في أي وقت ممكن لاستخدامها ثانية ضد ،أو لصالح المستخدم.
  • اذا كانت هذه النفايات في الأصل هي بيانات موجودة وحذفت ، أو بالأحرى انها انتقلت الى مكان آخر بعد أن حذفت فعليا من سلة المهملات ،أي انها عندما حذفت أولاً لم تعدم بشكل نهائي ،بل تحولت إلى مكان أسمه سلة المهملات ، وبعد سلة المهملات من الممكن أن تحذف لتنتقل وتحفظ في مكان ثان في أنظمة الشركات الرقمية.

هذه المبررات وغيرها هي التي تشير الى أن هذه النفايات الرقمية بحجمها الذي تعدى مليارات المعلومات لا أعتقد بأن الشركات العالمية المختصة بالرقميات تحذفها من ذاكرة حفظ البيانات الخاصة بهذه الشركات ، ومن غير المبرر أن المعلومات عندما تحذف من حواسيبنا وهواتفنا ، لا يكون لها أماكن مخصصة على أعتبار أنها نفايات تحتوي على حجم في داخل اجهزتنا ، فكيف تعدم ولا تشكل مساحة في ما بعد الحذف لدى الانظمة الرقمية .ولكن تبقى تساؤلات مهمة بحاجة الى توضيح : أين تذهب هذه النفايات الرقمية ؟ وهل يستفاد منها في عمل ما ؟ وهل استخدمت سابقاً ضد اشخاص أو مؤسسات أو دول ما ؟ أم انها تصفر نهائياً في داخل الأنظمة الرقمية ؟.

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *