أقام قسم التاريخ في كلية التربية – جامعة ميسان ندوة علمية (( العادات والتقاليد الجنائزية في الاندلس)) بحضور أساتذة وباحثين من طلبة الدراسات العليا
تضمنت الندوة تسليط الضوء على العادات والتقاليد الجنائزية في الاندلس ، اذ يعد الموت هو النهاية الحتمية لجميع المخلوقات البشرية ، وهو أجل محتوم ينتظر كل نفس وهاجس يُهيمن على أذهان الناس فيُسبب الحزن في نفوسهم ، وذلك لمفارقة شخصٍ عزيز لفظ أنفاسهِ ، وترك الدُنيا وألتحق بالرفيق الأعلى، فيبدأ الحزن والألم ، حزن الفراق وألم الوداع .
وتضمنت الندوة أن الأندلسيون شأنهم شأن بقية المجتمعات الإنسانية انفردوا بعاداتٍ وتقاليدٍ جنائزية ميزتهم عن بقية المجتمعات فما أنّ وطأت أقدام الفاتحين بلاد شبه الجزيرة الأيبيرية حتى راحوا ينشئون المقابر وينظمونها ويهتمون بها ، لذلك شهدت المدن الأندلسية مقابر متعددة استوحت أسمائها من أسماء الأولياء والصالحين وقسموها إلى : مقابرٍ عامة ومقابرٍ خاصة وأخرى خُصصت لمتوفيّ الإمراض الوبائية .
واوضحت الندوة ان الاندلسيون قد شيعوا موتاهم واختلفت مواكب التشييع بحسب مكانة المتوفى فأنّ كان من عامة الناس فأنَّ تشييعه كان بسيطاً ، وأنّ كان من رجالات الدولة ، أو عالماً أو فقيهاً فكان موكبه مهيباً ، وقد شهدت المواكب الجنائزية حضور رجال الدولة ، وكثيراً ما كان الحكام يستغلون هذهِ المناسبات للدعاية السياسية في أوساط العامة التي تشهد تواضعاً منهم وتزداد تعلقاً بهم فيسيروا على أقدامهم احتراما وإجلالاً لشخصية المتوفى وربما ذهب بعضهم راكباً وترجل أمام الجنازة، الأمر الذي أستثمره المتظلمون لعرض مظالمهم وإيصال طلباتهم ، وتعبيراً للحزن استخدم الأندلسيون البياض دلالة للحزن على الميت وعُرفت هذهِ العادة لدى الأندلسيين ثم انتقلت إلى بلاد المغرب الأقصى،
وخلصت الندوة ان الاندلسيون خالفوا ما كانَ سائداً في بلاد المشرق حيث أنَّ لبس السواد كان تعبيراً للحزن على الميت ، كذلك نعى الأندلسيون موتاهم بقصائد شعرية غلبَ عليها طابع الحزن والألم، فانتشرت هذهِ القصائد في المجتمع الأندلسي وحفِلت المصادر الأندلسية بمثل هذا النوع من القصائد وظهر ما يسمى بأدب التعازي ، وقد حوت التقاليد الجنائزية في الأندلس مشاهد لوصايا الأموات التي من خلالها يمكننا معرفة هذهِ الوصايا وإيجاز مضامينها الدينية والجنائزية