دشنت سيدات العراق أولى مبارياتهن في سبعينات القرن الماضي، حين تم تشكيل أول فريق نسائي لكرة القدم بشكل رسمي من طالبات كلية التربية الرياضية. حصل ذلك حين كان المجتمع أكثر انفتاحاً وقبل أن تتعثر مسيرتهن الكروية بالحروب وغياب الدعم المالي، وخشية العوائل على بناتها من الانتقادات بسبب التقاليد والأعراف الاجتماعية.
وفي عام 1972 مارست المرأة العراقية كرة القدم على صعيد الجامعات العراقية ، عندما جرت أول مباراة بين الجامعات بكرة القدم للنساء في 24 / 11 / 1972 على ملعب الكشافة بين كلية التربية الرياضية وكلية العلوم وكانت نتيجة المباراة فوز كلية التربية الرياضية على كلية العلوم بنتيجة (2 – 0) وبعدها أهملت لعبة كرة القدم للنساء في العراق لعدم وجود الدعم الكافي ألاستمرارية هذه اللعب .وفي عام 1999 قام الاتحاد الرياضي النسوي بمخاطبة أندية الفتاة الموجودة في أغلب المحافظات بتشكيل فرق نسوية لكل محافظة بكرة القدم الصالات للنساء. ففي 1999 نظم الاتحاد النسوي أول بطولة كرة القدم الصالات للنساء وشارك في هذه البطولة ثمانية أندية وهي (كلية التربية الرياضية للبنات ، فتاة ديالى ، فتاة البصرة ، فتاة الانبار ، فتاة المثنى ، فتاة العمارة ، فتاة كربلاء ، فتاة النجف) على ملعب كلية التربية الرياضية للبنات وفاز في هذه البطولة نادي فتاة البصرة وحصل على المركز الثاني كلية التربية الرياضية للبنات وكان الغرض من هذه البطولة هو لتشكيل منتخب كرة القدم الصالات للنساء يتم اختيارهم من خلال هذه.
وفي عام 2001 الشهر الرابع اقام العراق أول بطولة دولية بكرة القدم الصالات للنساء على قاعة الشعب وشارك في البطولة كلا من العراق بمنتخبين ( أ – ب ) ومصر والجزائر والاردن ولكن مصر تخلفت عن البطولة ولم تحضر ، وحصل على البطولة فريق الجزائر.
وأن ظروف تأسيس أول منتخب نسائي كانت مواتية حينها. فـالمجتمع كان العراقي أكثر انفتاحا قبل أن تأتي الحروب وسنوات الحصار على كثير من مفاصل الحياة الرياضية وخصوصاً النسوية منها. وأن الأعراف والتقاليد المجتمعية ساهمت إلى حد كبير في تعطيل مسيرة كرة القدم النسوية في العراق. فالموروث المجتمعي والديني العراقي يحظى بالاحترام والتقدير من قبل الأهالي وهو في الوقت ذاته يجعل العوائل مترددة بشأن مشاركة بناتها في النشاطات الرياضية،مع ذلك، فإننا يمكن أن نستثني إقليم كردستان إلى حد ما كونه من ناحية الرياضات النسوية أكثر انفتاحا ونجد العديد من الفرق الرياضية تمارس نشاطها بفعالية أن النظرة المجتمعية للبنت الرياضية هي المعوق الأول في التحاق الفتيات بالرياضات النسوية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.
وأما السبب الاخر فيأتي من الأندية ذاتها التي لا تهتم بكرة القدم النسوية مثل اهتمامها بكرة القدم التي يلعبها الرجال بكافة الفئات وهذا تحدي كبير يواجه كرة القدم النسوية. غياب الدعم لكرة القدم النسوية يحرم لاعبات كرة القدم النسوية من تطوير مهاراتهن بشكل كبير. ويصل الأمر إلى عدم القدرة على توفير قاعات خاصة للتدريب على مستوى الأندية أو على مستوى المنتخب.
وان العراق يعتمد على كلية التربية في تشكيل أندية كرة القدم وهي المصدر الأساسي للحصول على اللاعبات. ولهذه الأسباب نرى عدد الفرق النسوية في بغداد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، كما أن النوادي تكتمل ثم تعود وتضمحل خصوصاً في المحافظات الجنوبية. لذلك تشكيل منتخب نسائي يشارك في بطولات دولية يكون معضلة أخرى، لأنه يتم عبر تجميع اللاعبات من الفرق القليلة المتوفرة في إقليم كردستان وباقي محافظات العراق . ما بعد كأس غرب آسيا رغم عدم وجود اهتمام كبير بالرياضة النسوية، إلا أننا نلاحظ انفتاحاً كبيراً في مجال كرة القدم النسوية خلال الفترة القليلة الماضية.. ويرجع الفضل في ذلك إلى الإنجاز الذي حققه العراق بحصوله على بطولة غرب آسيا لكرة الصالات. فنتيجة لذلك، احترفت نحو سبع لاعبات في النوادي السعودية وهو أمر أعطى دفعة للرياضة النسوية إلى الأمام .
وكان منتخب سيدات العراق لكرة الصالات تُوج في يونيو 2022 بلقب بطولة غرب آسيا التي أقيمت في السعودية بعد تغلبه على الفريق السعودي بنتيجة (4-2)، في المباراة النهائية التي أقيمت داخل صالة الجوهرة المشعة بمدينة جدة السعودية. هذا الإنجاز هو الأكبر الذي حققه العراق في مسيرة كرة القدم النسوية، وجاء في أول مشاركة لسيدات العراق ببطولة غرب آسيا تحت قيادة المدربة الإيرانية (شهناز ياري) التي استلمت المهمة في أبريل 2022.
ويعتبر هذا الإنجاز لفت نظر العالم والمؤسسات المسؤولة عن الرياضة في العراق إلى المواهب الكروية النسوية التي نمتلكها من الاجل الاهتمام بها وتطويرها.
م.م ضحى محمد حافظ